البلبل

حكم بلاد الصين في قديم الزمان ملكٌ كريم الأخلاق، طيّب القلب واسع الغنى ، وكان لهذا الملك قصرٌ يعدُّ أجمل القصور في العالم فقد بنيت أرضه وسقوفه من البلور الشفاف وشيّدت حيطانه من الخزف الصيني الفاخر، وكان لذلك القصر حديقةٌ واسعة جدًا لا يدرك البصر آخرها. في تلك الحديقة التي تشبه الجنة كان هناك بلبلٌ قد اتخذ من بعض الأغصان القريبة من الشاطيء عشًا له يغني فيه ويغرّد تغريدًا ساحرًا يسحر القلوب حتى ذاع صيته وتناقل النّاس أخباره داخل المملكة وخارجها وكتب عنه الرحالة، فسمع الملك بهذا البلبل واستغرب كيف يسكن حديقته ولم يسمعه يومًا عنه وأمر بإحضاره إلى قصره ليشارك في احتفالات الليلة العظيمة. نال صوت البلبل وغناؤه استحسان الملك فأمر أن يعيش معه داخل القصر في قفصٍ ذهبي وأن يسهر على راحته اثنا عشر خادماً لا يفارقونه. عندما بعث ملك اليابان بطائره الصنّاعي هديةً لملك الصين ، عاد البلبل إلى عشه في الغابة وغضب الملك لذلك واعتبره نكراناً للجميل ، واستعاضوا عنه بالبلبل الصناعي الذي كان يسحرهم بصوت الصناعي الذي تحركه الآلة إلى أن خفّ صوته ولم يعد كالسابق ، وعندما علم البلبل بمرض الملك جاء يواسيه ويسحره بغنائه الجذاب العذب وطلب منه الملك الاستمرار في الغناء إلا أنه اشترط على الملك أن يعطيه تاجه وسيفه الذهبي ورايته الحريرية. ووعد الملك بزيارته كلما شعر بالشوق والحنين إلى القصر لأنه يصعب عليه العيش في القصر .